فكرة إنشاء معهد تمريض للنساء
السؤال: ما رأيكم في فكرة إنشاء معهد للممرضات في الباحة؟
الجواب: فكرة إنشاء معهد للتمريض للممرضات في منطقة الباحة حقيقةً فكرةٌ مؤسفة جداً، ولو لم يكن إلا مجرد إقرار الفكرة فقط، حتى لو لم ينجح المشروع، لكن وجود الفكرة وأنها تنتشر، وأن توزع أوراق الاستبانات، والناس منهم من شارك ومنهم لم يشارك، ومنهم من عبأها، ومنهم من لم يعبئها، فمجرد قبولنا للمبدأ مشكلة، وزادني ألماً أن بعضهم قال: لماذا لا نتصل بالوزارة؟ وقالوا: إن مدير عام المعاهد الصحية هناك من أبناء المنطقة، سبحان الله! إن صح هذا الذي بلغني، فهو والله شيء عجيب جداً!!
نحن الذين نعرف مساوئ وفساد التمريض، وما هي الجناية التي تكون على الممرضة نفسها! دعك من فساد المجتمع من أجلها! هذه الشابة الفتاة التي في بيتها تستنكف وتستكبر أن تخدم أمها تذهب خادمة للرجال الأجانب والأغراب!
والآن مع الأسف أصبح الأغراب أكثر من أهل البلد!
تخدم الأغراب من كل دين ومن كل جنس ولون، ويقال: تخدم الوطن! وكله في خدمة الوطن!
هذا الوطن إذا جعلناه بهذه المثابة فقد جعلناه وثناً وليس وطناً، فديننا وقيمنا وأصالتنا المشتقة من ديننا خير لنا ألف مرة من الشعارات الزائفة التي تلبس علينا...!
أقول: إن الفكرة قد بدأ يروج لها، فيجب عليكم -وهذه أمانة ننقلها إلى كل من هو حاضر ومن يسمع هذا الكلام ومن يستطيع أن يبلغه- أن تقفوا صفاً واحداً في وجه هذا الشر حتى لا يُنَفَّذَ؛ لأنه بلا شك سيكون فتح باب من أبواب الشر، فاتقوا الله في أعراضكم، واتقوا الله في بناتكم، واتقوا الله في هذا الجيل، فكل امرأة مسلمة وكل فتاة مسلمة فهي عرضك، وإن كنت لا تعرفها، وإن كانت في أطراف الهند أو في أندونيسيا.
والله إننا نخاف من استخدام الإندونيسيات أو الفلبينيات أو غيرها، ومن الفساد الذي حصل من الإتيان بهن هنا ولا سيما المسلمات منهن، وما يتعرضن له من الأذى والابتلاء، ويؤلمنا والله ذلك أشد الألم؛ فكيف نرضى ذلك لبناتنا، ونحن في هذه المنطقة؟
قد يقال: من يمرض النساء؟
وأنا أقول: ليس الحل أن نرتكب الأخطاء، ثم تترسخ الأخطاء، ثم تزيل الأخطاء بأخطاء أخرى ومحرمات!!
الحل الصحيح أنه يجب علينا وجوباً -وليس مجرد استحباب- أن يكون عندنا مستشفيات نسائية خاصة تتعلق بجميع أمور المرأة.
والضرورة لها أحكام، فمثلاً: عملية ضرورية يجب أن يقوم بها رجل، لا أحد يخالف في ذلك، لكن الولادة وعموماً كل ما يتعلق بالنساء يجب أن يكون في مستشفيات نسائية خاصة، هذا هو الحل الأول.
فإذا وجد ذلك، ورأينا أنه لابد من دخول بنات معينات ضمن هذا المجال، كما في تعليم البنات، فإننا نفكر آنذاك في ذلك، أما الآن فمن المعروف أن الممرضة لن تعمل إلا في مستشفيات بين الرجال، فكيف يكون الحال؟ هل تقضي هذه الممرضة على شبابها؟ ومن يتزوج هذه الممرضة؟
الآن الجامعيات ما وجدن من يتزوجن بهن، فكيف بالممرضة؟! هدمت مستقبلها، وهدمت عرضها، لأنها تساوم على عرضها، والمرأة ضعيفة، وقد يقال لها: أنتِ لن تترقي أو تصبحي كذا إلا بمساومة! قد يطلب منها أن تسافر بمريض، فتنفتح عليها أبواب الشر.
نحن الآن نشكو من واقعنا الحالي الموجود الآن في المستشفيات وغيرها، فكيف إذا أصبحت البنت ممرضة؟!
لو أن واحداً منا عرض عليك وأتاك، وقال لك: يا أخي! أنا عندي عجوز كبير أو عجوزة كبيرة، عمرها ثمانين سنة، وأنا سمعت أن ابنتك متعلمة، وتستطيع أن تضرب الإبر، فأريدك أن تأتي بها عندي كل يوم أربع ساعات، أو كل وقت تشرف عليها وتراقبها، وأنا أعطيها خمسة آلاف أو عشرة آلاف ريال؟
أقول: يمكن أن يقاتلك ويقول: هل بنتي خدَّامه عندك يا كذا ويا كذا؟!
لكنها في المستشفى سوف تخدم العمال والأغراب والأجانب، ثم نقول: هذه خدمة للوطن! وهذا لا شيء فيه! لأننا فقدنا المعايير، والله المستعان..!
فيا إخوان! لا تغرنا الشعارات، لو فتح المعهد، وأنا واثق أنه لن يفتح، ولكن لو فتح فاعلموا أنه سيكتب في الجرائد: تقدم جديد! وإنجاز حضاري! وتطور في منطقة الباحة..! وخذ لك من هذا الكلام.
وعند حفل الإفتتاح يقال: هذا الإنجاز! وهذا التطور! ومن مثل هذه الشعارات التي خدعتنا وضيعتنا: التطور السياحي! والتطور العمراني! وقعنا في التطور هذا ونسينا ما أنزل الله، ونسينا أحكام الله، ونسينا كيف نعبد الله! كله تطور وتطور وإنجازات!
بينما -والله- لو بنينا هذا التطور وهذا التقدم وهذه الإنجازات على كتاب الله، وراعينا فيها حدود الله، لنفوزن في الدنيا والآخرة، فوضعنا بالنسبة إلى أمم الكفر في الدنيا ما هو بشيء، لكن لو بنيناها على تقوى الله، فإنه سيبارك لنا في أموالنا وفي حضارتنا، فيجب أن تكون حضارتنا حياة إيمانية حقيقية، يكون الأصل فيها والسمو والرفعة والمنزلة والمكانة للتقوى وللعمل الصالح النافع وللإحسان وللعدل وللفضيلة، أما هذه الخرسانات الجاهلة من التراب أو معايير مادية معينة نجعلها هي المعيار ونهدر الدين والشرف والكرامة والعرض، من أجل مثل هذه السفاسف التي لا تليق بنا كأمةٍ من أمة الإسلام عموماً، وبما لنا من أصالة خصوصاً.